
حفيد السلطان العثماني لموقعنا: “تذكروا كلامي جيداً”
مقابلة حصرية مع حفيد السلطان عبد الحميد الثاني، الأمير أورهان عثمان أوغلو
في حين تتجه الأنظار نحو تركيا، التي تشهد حاليًا تنافسًا حادًا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بحيث يتنافس ثلاثة مرشحين أقوياء في سباق الرئاسة. اذ يترأس تحالف الجمهور المرشح الحالي للرئاسة رجب طيب أردوغان، الذي يسعى الى الفوز بولاية رئاسية جديدة. ويتنافس معه زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، الذي يطمح إلى وضع نهاية لحكم أردوغان بعد عشرين عامًا قضاها الأخير في السلطة. وهناك مرشح حزب الأجداد سنان أوغان، الذي يُعَد منافسًا قويًا يطمح لجذب الناخبين الذين يرغبون في تغيير المسار السياسي الحالي.
يبقى السؤال الأهم هو: من سيتسلم زمام الأمور في تركيا ويواصل سياسة البلاد المستقبلية؟
في هذا السياق، أجرى موقع “Lebanese Daily” مقابلة حصرية مع حفيد السلطان عبد الحميد الثاني، الأمير أورهان عثمان أوغلو، المقرب من الرئيس أردوغان، تحدث فيها عن طابع الانتخابات التركية الأخيرة، مشيرًا إلى أنها كانت غريبة للغاية بالنسبة إلى تركيا. ولفت إلى أن أسباب تراجع الأصوات المؤيدة لحزب “العدالة والتنمية”، وتحديدًا للرئيس رجب طيب أردوغان، تعود إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها تركيا في الفترة الأخيرة، خصوصًا خلال انتشار فيروس كورونا. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت البلاد أيضًا بالزلزال الأخير الذي ضرب 11 مدينة تركية وتسبّب في خسائر اقتصادية تقدر بما يعادل 110 مليارات دولار، وهو رقم ضخم جدًا.
وأضاف الأمير اوغلو، ان الوضع السياسي ووضع الأكراد والاعتراض على السياسات المتبعة في الداخل، كلها من العوامل الإضافية التي ادت الى تراجع شعبية حزب الرئيس.
في المقابل، أشار إلى أن الاستفتاءات الأخيرة التي تحصل على الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، تُظهر ان اردوغان لن يحصل على أكثر من 35% كشخص وبأن حزبه سينتهي ولن ينال اكثر من 20%، لكن على عكس ذلك، لا تزال هناك بيئة مؤيدة جداً له وهذه الفئة هي الهيكل العظمي لحزب أردوغان منذ تأسيسه وهي تتراوح ما بين 34% و36% من الشعب التركي، لذا في حال دعم حزب “الحركة القومية” أردوغان، واذا ما اتحد الحزبان مع بعضهما البعض سيحصلان على اكثر المقاعد في البرلمان.
وفي الدورة الأولى من الإنتخابات التي حصلت منذ 15 يوماً، حصل أردوغان على نسبة 49.5% ونال أوغلو 44.88%، وأوغان 5.17%، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات الجمعة.
ووفقًا لأوغلو، لو حصل أردوغان على 0.5% إضافية لكان اليوم هو الرئيس، ولما توجهت البلاد الى إعادة الإنتخابات يوم الأحد المقبل.
ويتوقع الأمير أوغلو ان يحصل أردوغان في الدورة المقبلة على نسبة أصوات تتراوح ما بين 51.8% و 52.5%، لكنه يتأمل ان يحصل الفائز، اياً يكن، على نسبة أعلى من المعدل بثلاث او اربع نسب مئوية كي لا تكون النتائج متقاربة وقد تؤدي الى حصول مشاكل في البلاد وعدم اقتناع الناس بالعملية الديموقراطية والشفافية.
ويضيف ان أردوغان لا تزال لديه وظائف عدة في تركيا وفي الشرق الأوسط. فعلى الرغم من بعض الأخطاء التي ارتكبها إبان فترة حكمه الحالية، سواء في بعض المواضيع الداخلية وحتى الخارجية، لكنه في المقابل قدم إلى تركيا الكثير من الإنجازات ونهض بها وبتجارتها وإقتصادها، لذا فإن البلاد لا تزال بحاجة اليه في السنوات الخمس المقبلة، مشيراً إلى أن اقتصاد تركيا جيد لكن تدهور العملة يعود الى اسباب التلاعب من الخارج.
وفي ما يخص موضوع اللاجئين السوريين، أوضح أوغلو ان تركيا كانت وما زالت بلداً حاضناً لجميع الشعوب بمختلف مذاهبهم. وعلى سبيل المثال، قبل تسع سنوات، لجأ عدد كبير من الشعب المصري الى تركيا، عندما كانت بلادهم تواجه بعض المشاكل السياسية، كذلك الحال في زمن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، عندما ضرب الأكراد في شمال العراق، لجأ الكثير منهم الى تركيا، لا بل منحتهم الدولة التركية جنسيتها ايضاً.
لذا، تركيا بلد مفتوح للجميع سواء كانوا مسلمين او مسيحيين، لكن المشكلة اليوم تكمن في بعض الأفكار والأصوات المتشددة بما يتعلق بالقومية التركية، فهؤلاء لا يتقبلون العرق العربي، ويهاجمون اي سوري في البلاد خاصة بعدما تمكنوا من فتح محال تجارية والقيام بأعمال التجارة، الأمر الذي أثار غيرتهم.
واعتبر ان مسألة السوريين في تركيا خفضت بلا شك من أسهم أردوغان وشعبيته، لكن الأخير كان واضحاً ولا يزال في قضيتهم، اذ لم يتراجع اي خطوة ولم يعط اي تعليمات بترحيلهم أو طردهم، إنما صرّح بأهمية التعاون مع الأسد في تأمين بعض الملاجئ والمصانع في شمال سوريا لفتح المجال امام السوريين اللاجئين للرجوع الى بلادهم بأمان. في مقابل ذلك، استغل الحزب المعارض هذا الأمر، لافتاً الى عدم وجود اي خطة او برنامج لدى المعارضة لتقديمه للرأي العام في ما يخص هذا الأمر، بل هم فقط يستغلون موضوع القومية والتتريك واللاجئين والسوريين.
أما في ما يتعلق بموضوع علاقات تركيا اليوم مع الدول العربية، فشرح أوغلو ان علاقة بلاده مع معظم الدول العربية خلال السنوات الماضية، ما عدا لبنان والأردن، كانت تشوبها الحساسيات السياسية غير ان الكويت وقطر لعبتا دوراً كبيراً في إعادة العلاقات الجيدة مع الدول، لا سيما مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهذا ما يبرز جلياً اليوم في عودة العلاقات الديبلوماسية بين البلدان الثلاثة.
ولفت إلى أن أردوغان أعاد الآن صداقته الديبلوماسية مع جميع البلدان العربية لأنه أدرك أهمية العلاقات والتبادل التجاري معها،. في المقابل، ترى الدول العربية اليوم اردوغان قائدًا حقيقيًا، وبأنها في حاجة الى عدم معاداة تركيا بل الاستفادة منها ومن اقتصادها ومن التجارة معها.
تبقى المشكلة الوحيدة اليوم وفقاً لأوغلو هي مع سوريا. فعلى الرغم من المحادثات غير العلنية التي تتم بين البلدين، يشترط الرئيس السوري بشار الأسد انسحاب الجيش التركي من الشمال وهو أمر صعب للغاية لأن تركيا تقول انها مستعدة للانسحاب لكن بشروطها، وهي: انسحاب الولايات المتحدة الأميركية تمامًا، رجوع الأكراد الى مناطقهم ونزع سلاحهم وترسيم الحدود بينهم وبين تركيا، إنسحاب روسيا، وعدم تدخل إيران في شؤون سوريا لا سيما في الشمال.
ويعتقد أوغلو ان الأمور في طريقها الى الحل، لكنها تحتاج الى بعض الوقت، اذ توجد فئة كبيرة من الأتراك معارضة للأسد ونظامه نتيجة وجود دم وثأر تسبب بها الأخير عند قتله العديد من الأفراد والعائلات، لافتًا الى أن سوريا اليوم بحاجة الى تركيا أكثر من اي وقت مضى وأكثر من إيران وروسيا والولايات المتحدة، لأن تركيا بالنسبة إليها هي المياه والكهرباء ومصدر المعيشة للشعب السوري، فيما هؤلاء مجرّد موردين للأسلحة.
وفي حديثه عن لبنان وتركيا، أفصح أوغلو لموقعنا في تصريح خاص عن ان تركيا مستعدة لمساعدة لبنان ماديًا واقتصاديًا، وهي تتوق الى فتح مصانع ومنشآت في كل مناطقه، شرط ان تتحسن السياسة فيه ويعود الى ما كان عليه قبل ست سنوات، ببرامجه السياسية والاقتصادية الواضحة والشفافة، خاتماً بعبارة: “تذكروا كلامي جيداً”.
مزيد من المقالات:لبنان على “القائمة الرمادية”… ورقابة خاصة عليه؟