
المُنازلة الكبرى
بقلم مارون مارون
لقد بات واضحاً وجليّاً للجميع، أنه لو كانت إسرائيل هي أحد أطراف التسوية الرئاسية في لبنان، لسارع الثنائي الشيعي إلى تسهيل مهمة انتخاب رئيس، على غرار تسهيل توقيع ترسيم الحدود البحرية والتنازل عن الخط 29، والتخلّي عن ثروات لبنان الطبيعية لمصلحة دولة إسرائيل، كما أسماها رئيس مجلس النوّاب “المقاوم” نبيه برّي.
لقد بات من المؤكد أن مَن يدّعون الممانعة في لبنان، يدّعونها فقط لتسويق مواقفهم أمام جمهورهم لإقناعهم بلغة أشبه بالخشبية لا تَطعم جائعاً ولا تشتري دواءً، وفي الحقيقة فإن الممانعين ليسوا سوى مخرّبين في الداخل وحرس حدود لإسرائيل، يحرصون على أمنها واستقرارها ويمنحونها حقوق استخراج الغاز والنفط ويفتحون الأبواب لها مع سجّاد إيراني وعجمي أحمر، مقابل إطلاق يدهم في لبنان لعرقلة أي حل، بالتزامن مع الإستمرار في رفع السواتر السياسية للمزيد من الإمعان في الإنهيار وزيادة الهجرة والبطالة والموت على أبواب المستشفيات.
لذا، فليتحمّل كل نائب انتخب نبيه بري رئيساً لمجلس النوّاب مسؤوليته أمام الله والتاريخ والشعب، كونه المسؤول الأول عن عدم إتمام الإنتخابات الرئاسية من خلال إقفال مجلس النواب وكأنه دكّان ورثه عن جدّه، يفتحه ويُقفله حين يحلو له، غير آبه لا بشعب ولا بوطن ولا بقانون أو دستور…
نعم، هو الذي حوّل مجلس النواب من مؤسسة تشريعية لها الحق وحدها بتفسير الدستور وحمايته، الى دكّانة تبيع وتشتري وتساوم وتغلق الأبواب وتُعطي النصائح المنتهية الصلاحية والفاقدة لأي مشروعية، ومنها مُصطلح الحوار الذي بات ممجوجاً ولم ينتج عنه ما هو مفيد، بل مضيعة للوقت واللهو واستفراغ الكلام الفارغ المضمون أصلاً…
باختصار، طريق انتخاب الرئيس تمرّ تحت قبة البرلمان وليس في الشام ولا في طهران ولا في باريس ولا في أي عاصمة أخرى، فهل مَن يتجرّأ ويلاقي القوات اللبنانية في ساحة النجمة للمنازلة الكبرى، طالما أن محور الممانعة يعتبر أن مرشّحه بات في بعبدا ولم ينقصه سوى الصورة الرسمية التي ستبقى بلا صوت، لا بل بلا أصوات مرجّحة، أو أن “القوات” وحدها ستبقى حيث لم يجرؤ الآخرون؟
وفي الإنتظار كُتِبَ علينا الصبر والصمود وحماية الجمهورية… والسلام.