“القوات اللبنانية” أنقذت لبنان من جهنم الممانعة!

كتب جورج حايك:

منذ بداية معركة رئاسة الجمهورية في لبنان، وضعت “القوات اللبنانية” هدفاً أساسياً نصب عينيها، وهو منع وصول أي مرشّح للمانعة إلى قصر بعبدا. حتماً لم تكن المهمة سهلة، صحيح ان “القوات” أكبر مكوّن في المعارضة إلا أنها لم تكن تستطيع وحدها مواجهة هذا المشروع الجهنمي الذي تقوده إيران و”حزب الله” في الجبهة الأخرى.

الخطة الأولى لـ”القوات” كانت التنسيق مع كل قوى المعارضة، والتفاهم معها بالإقناع والمنطق للتوّحد خلف مرشّح ينال تأييد أكثرية هذه القوى، وقد تمّ التفاهم على النائب ميشال معوّض، إلا ان عدداً غير قليل من هذه القوى اختار أن يغرّد خارج السرب، مع ذلك، تمكّن معوض من أن يحرز أكثر من 40 صوتاً في إحدى الجلسات، فيما اتخذ الفريق الآخر منحى سلبياً في التصويت بورقة بيضاء طوال 11 جلسة، والانسحاب في الدورة الثانية، وهذا دليل على حالة ارباك نتيجة انقسام في هذا الفريق بين رؤيتي “حزب الله” الذي يريد سليمان فرنجية، و”التيار الوطني الحر” الذي يرغب بإيصال رئيسه جبران باسيل إلى الرئاسة أو أي إسم يستطيع أن يتحكّم به.

منذ اللحظة الأولى، كانت “القوات” واضحة في مسارها، لم تقاطع أي جلسة بل بالعكس دعت رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى ترك الجلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس، فيما فريق الثنائي الشيعي راح يغرّد خارج الدستور عبر الدعوات إلى الحوار وما شابه ذلك، علماً ان الحوار المطلوب من هذا الثنائي هدفه ارضاخ المعارضة لإنتخاب مرشحه فرنجية.

بالتأكيد لم تستجب “القوات لدعوات بري الحوارية، فهي تلتزم ببنود الدستور، ولن تسلّم رقبتها للثنائي الشيعي. وسرعان ما أقفل بري مجلس النواب منتظراً رياح التسوية المحلية والخارجية بهدف أن تأتي كلمة السرّ، متناسياً أن هذا الاستحقاق لبناني وما يُطلب منه تطبيق الدستور فقط! علماً أن تاريخ بري معروف بالتحايل على الدستور والقفز فوقه، ساحباً “الأرانب” من تحت قبعته.

بعد فترة، استجمع الثنائي الشيعي قوته، داعماً ترشيح سليمان فرنجية الذي لم يعلن ترشيحه بعد، إلا أن ملامح خطة الثنائي بدت واضحة، وتكاملت مع سعي فرنسي مبني على المصالح والصفقات التي يُعرف بطلها بإسم رجل الأعمال جيلبير الشاغوري، بهدف اقناع الداخل والخارج بفرنجية. ودخلنا في أجواء من الحملات الإعلامية الترويجية لفرنجية غير مبنية على معايير مصداقية، تحوّلت اشبه بحرب نفسيّة ضد المعارضة، مسوّقة بأن هناك تفاهماً خارجياً وداخلياً على فرنجية، مع شراء ذمم بعض الاعلاميين ووسائل الإعلام خدمة لهذه الصفقة. إلا ان المعارضة عموماً و”القوات” خصوصاً بقيت متماسكة، وخطة مواجهة هذه الحملة كانت بإتخاذ المعارضة قراراً صلباً بإفشال الصفقة عبر تعطيل النصاب لأي جلسة قد تقود إلى انتخاب فرنجية الذي لا تمثيل مسيحي له، بل يُعرف بمرشّح تحد، من صلب محور الممانعة! وقد ساعد موقف جبران باسيل الرافض لفرنجية والطامح إلى وصوله شخصياً أو من يمثّله الى الرئاسة لأهداف سلطوية بإفشال الصفقة ايضاً.

أمام اصرار المعارضة على رفض فرنجية، ليس لشخصه أنما للمشروع الذي يمثّله وهو مدمّر للبنان، تراجعت فرنسا خطوات إلى الوراء معتبرة انها تسرّعت في ترشيح فرنجية، معلنة انها على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وخصوصاً بعدما سمعت ملاحظات قاسية من الولايات المتحدة.

ما ان إنتهت الصفقة الفرنسية الفاشلة، حتى انتقل الثنائي الشيعي إلى الرهان على الاتفاق السعودي-الايراني والموقف السعودي الذي بدا منفتحاً على الجميع، فأستغل محور الممانعة ذلك للترويج بأن السعودية موافقة على فرنجية، فيما هي تريد انتخابات رئاسية سيادية من دون تأثيرات أجنبية متجنبة وضع فيتو على أحد، علماً انها أعلنت مراراً وتكراراً أنها تؤيد رئيس جمهورية بمواصفات انقاذية اصلاحية وسيادية، وهذا ما لا ينطبق على فرنجية!

لا شك في أن “القوات” تؤيد النزول فوراً إلى المجلس النيابي لإنتخاب رئيس، وقد تحدى رئيسها سمير جعجع الرئيس بري للدعوة إلى جلسة، إلا أن الجواب لم يأت، وهذا ما يؤكد حالة من الارباك في صفوف الثنائي الشيعي الذي يخاف من المواجهة الديموقراطية الدستورية.

الخطة الأخيرة التي تحضّر لها “القوات اللبنانية” وكل مكوّنات المعارضة هي الاتفاق على إسم مرشّح واحد تخوض فيه المنافسة، بالتنسيق مع “التيار الوطني الحر”، رغم ان الثقة برئيسه باسيل غير مكتملة، لأنه قد يجري صفقة مع “حزب الله” في أي لحظة. إلا أن اتفاق قوى المعارضة على إسم واحد، قد يزيد من ارباك الثنائي الشيعي.

وإذا دخلنا في اسماء المرشحين الذين يجري التداول حولهم، سنجد جهاد أزعور والعماد جوزف عون وصلاح حنين وزياد بارود…ومن المتوقع أن يتم الاتفاق على إسم في وقت قريب، وقبل الموعد المبدئي للجلسة الانتخابية التي تكلم عنها الرئيس بري في 15 حزيران، ولا نعرف حتى اليوم مدى جديّتها.

في المحصلة، حققت “القوات” بالتنسيق مع “الكتائب” والنواب المستقلين وبعض التغييريين انجازاً تمثّل في إفشال وصول مرشّح “الممانعة” إلى الرئاسة، وبالتالي تضافر جهود قوى المعارضة، و”القوات” عمودها الفقري، أنقذ لبنان من الغرق في المزيد من جهنم، وبالتالي لا عودة إلى الوراء، وهوية الرئيس العتيد لن تكون إلا اصلاحية، منفتحة على المجتمع الدولي وستعمل على إخراج لبنان من المستنقع الذي وضعه فيه “حزب الله” وحلفاؤه!

مزيد من المقالات:تنسيق سوري – سعودي بشأن لبنان ستتبلور معالمه تباعا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى