
الفنّ في لبنان ما بين الهرج و المرج!
خاص للموقع بقلم إيسامار لطيف
من أم كلثوم و عبد الحليم و فريد الأطرش، من الأوف و الميجانا و العتابا إلى الفنّ الساقط و الدنيء الذي يماشي حال مجتمعنا اليوم. فبعدما كنّا نستطرب بصوت الشحرورة صباح و تميل قدودنا مع صباح فخري و نستيقظ على صوت فيروز العذب، غدينا نستمع إلى ما لا يمطّ بصلة لإرثنا و تاريخنا.

يقولون أنّ الفنّ هو مرآة المجتمع و حضارته، و لكن كيف تكون أغاني اليوم مرآة لمجتمعنا أو لحضارتنا؟ فلا يمكن أن تكون هذا الرداءة في الصوت و الآداء و حتّى في الإخراج فنّاً! فكلّ من أراد أن يُغنّي فُتحت له أبواب عديدة، و من أرادت الشهرة كشفت عن مفاتنها و صعدت على المسارح. و الأفظع من كلّ هذا هو أنّهم يعيدون ذكرى الأغاني الذهبية بأصواتهم التي تُشبه نعيق الغراب بكل ثقة و فخر دون حسيب أو رقيب.
في الواقع، لا حياة للفنان الأصيل في لبنان، و لا مكان له وسط كل ذلك الإزدحام المزيّف لعدّة أسباب أبرزها المدخول المادي، في حين الفنّ لا يُغطي مصاريف الفنان الأساسية اذا ما قلنا لباسه.ناهيك عن المشاكل و الإنتقادات التي يتعرّض لها بسبب احترافه هذا المجال، بالإضافة الى الإغراءات و الضغوطات التي تُمارس عليه و تدفعانه الى تقديم الفنّ الهابط بهدف رفع مستوى الدخل و اكتساب الشهرة. فعندئذٍ سيغيّر الفنان مساره و يتنازل عن قناعاته ليُرضي المجتمع و المنتجين، فيُسكب الزيت على النار و يُحرق ما تبقى من مدرسة الرحباني و سيمون الأسمر و الفنّ الأصيل.

أمّا النقابة، فلا تصدر ساكناً لأنّ كلّ شيء يُحلّ بالوساطة و للأسف كلّ فنّان يأخذ حيّذاً سياسياً ليُغطي نفسه به. و بذلك لا نقابة و لا رقابة تعلو سلطتها على سلطة هذا الفنّان، ليُغلق دفتر الحساب و تملأ الشيكات رصيد الفنانين و وداعاً للفنّ أمام جبروت المال و السلطة.
من جهة أخرى، ما يتناوله اليوم الفنّانون من هرج و مرج يدعو للقلق. لا سيّما بعد أن أصبحت معظم لجان التحكيم من الفئات الشابة التي لا تمتلك الخبرة الكافية لتُقدّم انتقاداً بنّاءاً. فنحن خرجنا منذ وقتٍ طويلٍ عن الأصالة في الغناء و غابت جمالية الكلمات، لنَدخل في غيبوبة الفنّ الهابط الذي لا إحساس فيه و لا إيقاع.
إقرأ المزيد: كرامة كبار السنّ منتهكة في لبنان في ظلّ غياب ضمان الشيخوخة