أسطورة المعابر غير الشرعية اللبنانية

بعد أن ألقى حزب القوات الضوء على أسطورة المعابر غير الشرعية اللبنانية ما بات يعرف بمثلث برمودا، ”قامت الدنيا وقعدت“ وإنقسم السياسيون والأحزاب بين مؤكّد لوجود هذه المعابر وبين نافٍ لوجودِها.

فوزير الدفاع الياس بو صعب مثلاً ومعه التيار الوطني الحر، قاموا بهجوم شرس على القوات اللبنانية ورئيسها إنطلاقاً من فكرة أن هذه المعابر مُسيطر عليها ومن فكرة ثانية تقول بوجود قُرى حدودية نصفها في سوريا والنصف الآخر في لبنان وهذا ما يجعل عملية مراقبة الحدود صعبة جداً. إلا أنه حتى اليوم لم يُعرض على الرأي العام مثلاً ما هو عدد هذه القُرى الحدودية وما هي الأسماء والمواقع بالتحديد.

في تموز الفائت خلال إجتماع لجنة الادارة والعدل، وعَدَ وزير الدفاع بأن الجيش سيسيطر على المعابر غير الشرعية في أسابيع وليس سنوات. وأصرّ وقتها أن حجم خسارة خزينة الدولة هو من وراء التهريب الجمركي وبالتأكيد ليس بسبب المعابر غير الشرعية، خلافاً للدراسات الإقتصادية والمالية.

والجدير بالذكر أنه منذ وقت تصاريح وزير الدفاع عن السيطرة على المعابر غير الشرعية، قام رجال الضابطة الجمركية في الشمال في طرابلس وفي صيدا الجنوب وغيرها من المناطق اللبنانية بتوقيف عدد كبير من البضائع المهرّبة من دون أي بيانات رسمية توضيحيّة من وزارة الدفاع.

النائب السابق وأمين سر تكتل الجمهورية القوية الدكتور فادي كرم من جهته تولّى ملف التهريب عبر المعابر غير الشرعية منذ تنظيم القوات اللبنانية ورشة عمل لمواجهة التحديات الإقتصادية والمالية في شباط ٢٠١٩. ومن بعدها ”كرّت المسبحة“. في أيار ٢٠١٩ صرّح النائب سامي الجميّل في لقاء حزبي كتائبي أن ”هذه السلطة تعيش على التهريب والتهرب وتستفيد وتغطي التهرب الضريبي والمعابر غير الشرعية“. وأشار إلى أن المعابر تابعة لمن يملك القرار في الدولة أي حزب الله، لذلك الدولة عاجزة عن إقفالها.

في تموز ٢٠١٩ ذكّر وزير المال علي حسن خليل بما ورد في المجلس الأعلى للدفاع عن وجود أكثر من ١٢٤ معبر تهريب في لبنان، شاكياً عدم قدرة الجهات المعنيّة على إتخاذ القرار السياسي والخطوات العملية لضبط التهريب.

لم يحظى وزير حركة أمل بإهتمام التيار ووزير الدفاع الذي بقي على موقفه مُركِّزاً هجومه في إتجاه واحد. حتى صرّح رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارة  لمرفأ بيروت في ٦ أيلول ٢٠١٩ عن وجود ١٥٠ معبر غير شرعي، مما أثار سخط الوزير الياس بو صعب الذي بادر إلى مهاجمة نائب رئيس الحكومة بدل من رئيس الحكومة مصدر التصريح! وفي إتصال مع قناة ال ”م تي في“ خلال نشرة أخبار مساء ٧ أيلول بينما كان يفتتح حديقة القاضي غانم في بسكنتا، إعترف انه هنالك معابر غير شرعية ولكنه عاد وركّز على التهرّب الضريبي في المطار والمرفأ. وذكر أن ليس كل المعابر غير الشرعية هي لتهريب البضائع، فهنالك معابر لتهريب البشر. كما ذكر أن نهار الأثنين سيعقد إجتماع مع قائد الجيش والأجهزة الأمنية في وزارة الدفاع لأيجاد حل نهائي لموضوع المعابر غير الشرعية، ضارِباً بالحائط وناقِضاً كل ما كان يقوله من قبل عن وجود حلول لهذا الموضوع.

وتبقى أسطورة المعابر غير الشرعية اللبنانية معضلة لإدارة غير كفؤة مُصابة بالإنفصام، تارة تؤكد وطوراً تنفي وجودها، إدارة سياسية مُصابة بإزدواجية الآراء والتصاريح والتقارير، مشلولة الحركة والمُبادرة.

إقرأ أيضاً

لم يتجرأ الوزير الياس بو صعب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى